الانمبياء اولو العزم

قال الله تعالى (فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لاَ تَعْلَمُونَ) .

جاء ذكر مصطلح العزائم في الفقه الإسلامي لمدرسة أهل البيت عليهم السلام في موردين :
المورد الأول : أنبياء أولو العزم .
ويقصد بهم الأنبياء كما سيأتي في السطور القادمة .
المورد الثاني : السور أو الآيات العزائم .
ويقصد بها الآيات الأربع التي ورد السجود الواجب لها وهي : السجدة 15 ـ فصلت 37 ـ النجم 62 ـ المؤدب 19 .
والحديث في هذه المشاركة سيتركز على المورد الأول الذي أشرنا إليه ، أي عن أنبياء أولي العزم .
ومن المهم الإنطلاقة ومن أجل الفائدة المرجوة بإذن الله تعالى ، بالأسئلة التالية :
س : ماذا نقصد بكلمة العزائم ؟
س : من هم الأنبياء أولو العزم ؟ وكم عددهم ؟
س : ما سبب تسميتهم بأولي العزم ؟
ونبدأ بالإستعراض والإجابة عن السؤال الأول وهو :
السؤال : ماذا نقصد بكلمة العزائم ؟
الجواب: قيل في اللغة أن العزم بمعنى الجد والصبر وإرادة الفعل .
وقيل أيضاً أن العزم بمعنى شدة التحمل والإصرار والثقة بالقوة أو النفس .
ولكن يستظهر بعض العلماء الأعلام دامت بركاتهم من مجموع الإستعمالات لمعاني العزم ، أنه عقد القلب بنحو الثقة التامة على الفعل الجوارحي أو الجوانحي .

إذن نأتي للتساؤل المهم وهو :
السؤال : من هم أنبياء أولو العزم من الرسل ؟ وكم عددهم ؟
الجواب: اختلف العلماء والمفسرون فيمن هم أولو العزم من الرسل إلى عدة أقوال :
القول الأول : إنهم خمسة وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى والنبي محمد صلى الله عليه وآله .
القول الثاني : إنهم أربعة وهم نوح وإبراهيم وهود والنبي محمد صلى الله عليه وآله .
القول الثالث : إنهم ستة وهم نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب .
القول الرابع : إن أولي العزم هم الأنبياء الذين أمروا بالجهاد وأظهروه ، وهم ستة نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان .
القول الخامس : إن أولي العزم هم جميع الرسل .
القول السادس : إن أولي العزم هم الرسل الذين ذكرتهم سورة الأنعام من آية 83 إلى 90 وهم ثمانية عشر رسول ، وهناك أقوال أخرى متعددة ، ولعل أغرب الأقوال التي وجدتها ، ما يذهب إليه مذهب الإسماعيلية ، أن أنبياء أولو العزم عندهم سبعة ، لأن السماوات سبع والأرضين سبع ، كما نقله الإمام الخوئي "قدس سره" في كتابه مصباح الفقاهة ج1 .
أما القول المرجح لدى علمائنا رضوان الله عليهم ، وعليه إتفاق الطائفة الإمامية نصرها الله ، وإنطلاقاً من روايات أهل البيت عليهم السلام هو القول الأول ، أي إنهم خمسة وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى والنبي محمد صلى الله عليه وآله .

ونأتي قبل الختام للإجابة عن التساؤل الأخير وهو :
ما هو سبب تسمية هؤلاء الأنبياء بأولي العزم ؟
الجواب: للعلماء في السبب أكثر من رأي ..
الرأي الأول : يذهب إليه الشيخ المحقق الصدوق ، ويميل إليه أيضاً العلامة الطباطبائي "قدس سرهم" كما في كتاب عيون الأخبار ، وتفسير الميزان ، وهو إنما سُمي أولوا العزم بأولي العزم لأنهم كانوا أصحاب العزائم والشرايع .
الرأي الثاني : ويذهب إليه المحقق القمي كما في تفسيره للقرآن الكريم بقوله ، أن منشأ تسميتهم بأولي العزم هو أنهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله وأقروا بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب والأذى .
الرأي الثالث : وذهب إليه فئة قليلة ، حيث ذكروا أن سبب تسميتهم بأولي العزم لأنهم يحملون صفة الصبر ، لأن المراد بالعزم هو الصبر ، إستناداً لقوله تعالى (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ، وقوله تعالى (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) .
الرأي الرابع : أن سبب تسميتهم بأولي العزم هو أن العزم بمعنى الوفاء بالميثاق المأخوذ من الأنبياء ، وهذا يناسب القول بأن أولي العزم هم جميع الرسل ، ولكن حسب تتبعي لم أجد أحد من علمائنا قد تبنى هذا الرأي .
إنما وجدت تبني علمائنا رضوان الله عليهم للقول الأول ، وهو ما نقله الشيخ الصدوق في كتاب عيون الأخبار ، إستناداً للمروي عن الإمام الرضا عليه السلام ، أن أولي العزم إنما هم أصحاب العزائم والشرايع ، وأنهم سادة الأنبياء ، وهو الرأي المشهور لعلماء الطائفة الناجية .

أسأل الله أن ينال هذا الجهد القبول والفائدة
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين