الحسانى
مرحبا بكم فى منتديات الحسانى ونتمنى لكم قضاء اسعد الاوقات والافادة والاستفادة
الحسن البصرى رضى الله عنه  56612912251530979803
الحسانى
مرحبا بكم فى منتديات الحسانى ونتمنى لكم قضاء اسعد الاوقات والافادة والاستفادة
الحسن البصرى رضى الله عنه  56612912251530979803
الحسانى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى الاحبة http://hassany.egyptfree.ne
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولالحسن البصرى رضى الله عنه  O10
مرحبا بكم فى منتديات الحسانى وكل عام وانتم بخير عوض الحسانى
مطلوب مشرفين ومشرفات لجميع اقسام المنتدى وعلى من يرغب فى ذلك ترك رسالة فى قسم الطلبات الخاصة وشكر ا لحسن تعاونكم

كل عام وحضراتكم بخيربمناسبة عيد الفطر المبارك اعاده الله علينا وعليكم وعلى الامة الاسلامية بالخيرواليمن والبركات مع تحيات الادارة
<br />كل سنة ومص كلها بخير وامن وامان بمناسبة العام الجديد 2017

 

 الحسن البصرى رضى الله عنه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عوض الحسانى
المدير عام
المدير عام
عوض الحسانى


عدد المساهمات : 195
تاريخ التسجيل : 31/12/2012
العمر : 59

الحسن البصرى رضى الله عنه  Empty
مُساهمةموضوع: الحسن البصرى رضى الله عنه    الحسن البصرى رضى الله عنه  Emptyالسبت يناير 05, 2013 6:20 pm



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحامَ إن الله كان عليكم رقيباً )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )-
أما بعد
فيسرّني من باب نشر الخير أن أقدّم لكم :

.:. محاضرة للشيخ محمد بن صالح المنجّد حفظه الله ، و هي جزء من سلسلة للتعريف بعلماء الأمة و سيرهم .:.
.:. المصدر :- سلسلة ميراث الأنبياء .:.
.:. مصدر تفريغ المحاضرة :- إسلام ويب .:.
.:. تصميم :- فاعلوا خير جزاهم الله خيراً .:.

الجزء الأول
الجزء الثاني


الحمد لله رب العالمين، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين...
و بعد:
فالحمد لله الذي قيض لهذه الأمة رجالاً ينيرون لها الطريق ، و يحيون السنة، و يميتون البدعة ، و يجددون الدين ، و يتخلقون بأخلاق الأنبياء ، فيكونون قدوة للناس ، و مصلحين لأحوالهم ، و معلمين لهم ، و مذكرين لهم بربهم . و لا شك أن التعرف على سير هؤلاء العلماء الأجلاء من الأمور المطلوبة للإنسان المسلم ليقتدي ، و تنوُّع القدوات مهمٌّ ؛ لأن كل قدوة قد يكون له جانب من التفوق ليس عند الآخر ، فإذا حرص الإنسان على تتبع أحوالهم ، إجتمع فيه الخير .
و حديثنا في هذه الليلة -إن شاء الله تعالى- عن الإمام العلم الحسن البصري رحمه الله تعالى .


و اسمه: الحسن بن يسار .
يلقب بـالبصري ، و يُدعى تارة : بـابن أبي الحسن .
و كنيته رحمه الله : أبو سعيد .
و أبوه اسمه : يسار ، كان مولىً لـزيد بن ثابت في أحد الأقوال.
و أمه : خَيْرَة ، كانت مولاة لـأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.


يسار تزوج بـخَيْرَة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فولدت له الحسن لسنتين بقِيَتا من خلافة عمر رحمه الله .
و قال يونس عن الحسن : [ قال لي الحجاج : ما أمدك يا حسن ؟ قلت : سنتان من خلافة عمر ] .
و كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة ، فعندما تحتاج أم سلمة إلى شيء تبعث إليه أم الحسن ، و يبقى الولد عند أم سلمة رضي الله عنها، فيبكي و هو طفل، فتسكته أم سلمة بثدييها ، و تخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو صغير ، و كانت أمه منقطعة لخدمة أم سلمة ، فكان الصحابة إذا أُخرج إليهم الحسن رضي الله عنهم يدعون له ، فقيل : إنه أُخرج لـعمر رضي الله عنه، فدعا له ، و قال: [ اللهم فقهه في الدين، و حببه إلى الناس ] .
قال ابن كثير رحمه الل ه: و أمُّه خَيْرَة مولاة لـأم سلمة ، كانت تخدمه ا، و ربما أرسلتها في حاجة فتشتغل عن ولدها الحسن و هو رضيع ، فتشاغله أم سلمة بثدييها ، فيدران عليه .
و هذه مسألة تحصل في الواقع ، من أن المرأة الكبيرة حتى لو انقطعت عن الزوج و عن الولادة بسبب الحنان قد يدر لبنها ، و لذلك تكلم العلماء في حكم هذا اللبن ، و اختلفوا هل له حكم أم لا؟ و هل تكون أماً له من الرضاع ؟ و هل تثبت به المحرمية ؟ و كانوا يرون أن تلك الحكمة و العلوم التي أوتيها الحسن من بركة رضاعته من أم سلمة رضي الله عنها ، من الثدي المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم . و نلاحظ كذلك أثر بركة دعاء الصحابة رضي الله عنهم لهذا المولود ، و كيف نشأ و صار بعد ذلك .
و لذلك يجب أن يكثر الإنسان من الدعاء لذريته ، فقد يكون صلاحهم بدعائه ، و دعوة منه قد تكون سبباً لصلاح الولد ،و لذلك ندعو لهم و لا ندعو عليهم .
و في كلام كثير من الصالحين دعاء للذرية ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) [ الفرقان: 74] .


كان الحسن رحمه الله في خلقته رجلاً جميلاً وسيماً ،
قال محمد بن سعد يصفه : كان الحسن رحمه الله جامعاً ، عالماً ، رفيعاً ، فقيهاً ، ثقةً ، حجةً ، مأموناً ، عابداً ، ناسكاً ، كثيرَ العلم ، فصيحاً ، جميلاً ، وسيماً .
و قال الذهبي : قلت : كان رجلاً تامَّ الشكل ، مليحَ الصورة ، بهياً ، و كان من الشجعان الموصوفين.
و قال أبو عمرو بن العلاء : نشأ الحسن بـوادي القرى ، و كان من أجمل أهل البصرة ، حتى سقط عن دابته فحدث بأنفه ما حدث .
و قال الشعبي لرجل يريد قدوم البصرة : إذا نظرت إلى رجل أجـمل أهل البصرة ، و أهيبهم ، فهو الحسن ، فأقرئه مني السلام .
و قال الأصمعي عن أبيه "ما رأيت زنداً أعرض من زند الحسن البصري ، كان عرضه شبراً "
و هذا يدل على اكتمال خلقته و قوته و جسمه رضي الله عنه ورحمه .


كان يرافق بعض المشهورين بالشجاعة ، كـقَطَرِي بن الفجاءة ، و المهلب بن أبي صُفْرة ؛ و لذلك تعلم الشجاعة و تربى عليها .
قال هشام بن حسان : كان الحسن أشجع أهل زمانه.


و قال جعفر بن سليمان : كان الحسن من أشد الناس ، و كان المهلب إذا قاتل المشركين يقَدِّمُه .
فهذه ميزة في الحسن رحمه الله ،
و هو معروف برقة القلب و بالوعظ ،
و لو سألت إنساناً و قلت له: ما هو انطباعك عن الحسن ؟
فسيقول لك : هو زاهد و واعظ .
و هذا صحيح ؛ لكنه قلَّما يُعرف بأن الحسن كان رجلاً شجاعاً مقداماً مقاتلاً ، و كان يُقَدَّم في القتال ، كان قوي البنية ، شديد البأس ، و هذا يدل على أن الإنسان الزاهد الواعظ ليس من طبعه الضعف ، و لا تلازم بين ضعف البدن و الزهد و أن يكون واعظاً ، فقد يكون الإنسان واعظاً رقيق القلب ، و هو من أشجع الشجعان ، و لا تعني الشجاعة و قوة الجسد غلظة القلب بالضرورة أبداً . كما أن رقة القلب و كثرة البكاء من خشية الله تعالى و الوعظ لا تعني أن الواعظ يجب أن يكون ضعيف البدن ، ل ا. فهذا الحسن رحمه الله قوي البنية ، و مع ذلك فهو رقيق القلب للغاية .
و أما من جهة الجهاد، فإنه رحمه الله كان كثير الجهاد و يخرج للقتال ، و لذلك لا انفصام بين العالم و المجاهد ، لا انفصام بين الوعظ و الجهاد ، كلها أمور تجتمع في شخصيات السلف رحمهم الله .


أما فصاحته و بلاغته ، فإنه رحمه الله تعالى كان فصيحاً بليغاً .
قال حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء .
و هذا الفرق بين من يخرج كلامه من القلب بنور الكتاب و السنة ، و بين من يخرجه بتكلف كأنه يقيء قيئاً .
و قال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن البصري ، و من الحجاج بن يوسف الثقفي ، فقيل له: فأيهما كان أفصح؟ قال: الحسن .
و قال له رجل: أنا أزهد منك و أفصح ، قال [ أما أفصح فلا ] - الزهد لا أزكي نفسي به ؛ أما الفصاحة فنعم - ..
قال : فخذ عليَّ كلمة واحدة ، قال [ هذه ] . أي: التي أنت قلتها الآن.
و قيل للحجاج : من أخطب الناس ؟ قال : صاحب العمامة السوداء بين أخصاص البصرة . يعني: الحسن رحمه الله تعـالى .


و من جهة لباسه و زينته و طعامه ربما يظن بعض الناس أن الحسن عندما كان واعظاً ، أنه يلبس أسمالاً بالية و ثياباً مرقعة ؛ و لكن الرجل كان جيد اللباس ، ليس عنده تعارض بين الزهد و بين جودة اللباس و جماله ،
فقال ابن عُلَي عن يونس : كان الحسن يلبس في الشتاء قباءً حِبَرَة ، و طيلساناً كردياً ، و عمامة سوداء ، و في الصيف إزارَ كتَّانٍ ، و قميصاً ، و برداً حِبَرَة .
و قال أيوب : ما وجدتُ ريح مرقة طُبِخَت أطيب مِن ريح قِدر الحسن .
و قال أبو هلال : قلَّما دخلنا على الحسن ، إلا و قد رأينا قِدراً يفوح منه ريح طيبة .
و كان يأكل الفاكهة ، فلم يكن الحسن صوفياً مثل هؤلاء الصوفية الذين يتعمدون أن يُرى عليهم اللباس البالي و المرقع ، و لا يأكلون اللحم و لا الفاكهة ،
بل كان يعتني بأمر حاله ، و يتجمل لإخوانه ، كيف و هو يُغْشَى ؟!
فالواحد إذا كان لوحده ربما يلبس ما شاء ، لكن إذا كان يتصدى للناس ، و يأتونه و يسألونه ، و يقتربون منه ، و يجلسون حوله ، فلا بد أن يكون طيب الرائحة ، حسن الثياب ، يتجمل للناس ، حتى يحبوه .
و لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم في الأعياد و الجُمع يتزين . أرْسِلَت إليه جُبَّة، فعرض عليه عمر رضي الله عنه أن يلبسها و يتزين بها للوفود ؛ لأن الناس يهتمون بالمظاهر ، و لا يناسب أن يكون العالم مظهره رث ، و هيئته بالية ، و رائحته غير طيبة ، و ثيابه غير نظيفة ،
بل إنه يكون نظيف الثياب ، طيب الرائحة ؛ لأنه يُغْشَى و يُخْتَلَط به ،
و هكذا يجب أن يكون الدعاة إلى الله الذين يأتون إلى الناس و يخالطونهم ، فيجب أن يكون أحدهم كالشامة بين الناس ، لا بأس أن يكون ثوب أحدهم حسناً ، و نعله حسنة ، و رائحته طيبة ، و ثيابه مرتبة ،
لكن الإنكار على مَن أسرف ، ( كُلْ ما شئت ، و البس ما شئت ، ما أخطأتك خصلتان : سَرَفٌ ، و مخيلة )
المشكلة في السَّرَف و الخُيَلاء ، و إضاعة الأموال في التوافه ، و وضع المال في شيء لا يستحق ؛ كالمبالغة في الزينة ، و الزخرفة .
قال قتادة : دخلنا على الحسن و هو نائم ، و عند رأسه سَلَّة ، فجذبناها ؛ فإذا فيها خبز و فاكهة ، فجعلنا نأكل ، فانتبه - أي : من النوم - فرآنا ، فتبسم - ارتاح جداً أن يرى إخوانه يأكلون من طعامه ؛ لأنه يؤجر - و هو يقرأ: ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [النور:61] إشارة إلى الآية التي فيها ( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ ... ) [النور:61] إلى أن قال: ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [النور:61]
فإذا علمت أن صديقك يرضى إذا أكلتَ من بيته ، و لو كان غير موجود ، أو بدون إذن ، فلا يحتاج الأمر إلى إذن ، لا يشترط إذن الصديق إذا أذن لك في بيته أن تأكل منه ، فلو أعطاك مفتاح البيت و أذن لك بدمحترمه ، و أنت تعلم أنه يرضى أن تأكل من طعامه ، فلا حرج عليك أن تفتح الثلاجة و تأكل من طعامه مما هو موجود في البيت دون إفساد ،
و هذا الحسن رحمه الله لما رأى إخوانه يأكلون من فاكهته و هو نائم سره ذلك ، و قرأ الآية ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [النور:61] .
و عن جرثومة قال : رأيت الحسن يُصفِّر لحيته في كل جمعة .
و قال أبو هلال رأيت الحسن يغير بالصفرة .
فمن السنة تغيير الشيب بالحناء.. بالكتم ، و الصفرة شيء إلى الحمرة ، أو اللون البني لا بأس بذلك ،
فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (غيِّر الشيب و جنبوه السواد )
و ( نهى عن الخضاب بالسواد )
و ( ليأتين أقوام في آخر الزمان يخضبون بالسواد لهم حواصل كحواصل الحمام لا يدخلون الجنة و لا يريحون ريحها ) و حوصلة الحمامة: مثلما يكون من هذا الشكل الهلالي ، الذي يجعلونه في اللحى من العبث بها ، بحيث يكون هيئتها كحوصلة الحمامة ، و يصبغونها بالسواد ، فيكون سوءاً على سوء .
فهذا الحسن رحمه الله كان يغير الشيب ، و نحن نُهينا عن نتف الشيب ؛ لأن كل شعرة بيضاء تكون لصاحبها نوراً يوم القيامة إذا شاب في طاعة الله ، فإذا ظهر له الشيب فإنه يفرح؛ لأنه يكون له نوراً يوم القيامة إذا شاب في طاعة الله ، و هذا من مراعاة النفس ؛ لأن النفس تكره الشيب ، فلما نهينا عن نتفه رُخِّص لنا بصبغه و تغييره بغير الأسود .


أما بالنسبة لعبادته رحمه الله ، و خشيته لله ، و تقشفه ،
فإنه مع كونه جيد الملبس و المطعم ، لكنه كان زاهداً ،
كان يصوم أيام البيض ، و الإثنين و الخميس ، و أشهر الحرم .
و حكى ابن شوذب عن مطر قال : "دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء - لا فراش ، و لا بساط ، و لا وسادة ، و لا حصير - إلا سريراً مرمولاً هو عليه ، حَشْوُهُ الرمل " و السرير المرمول : الذي نسج وجهه بالسعف ، و لم يكن على السرير وطاء سوى الحصير ، فيسمى مرمولاً .
و قال حمزة الأعمى : ذهبت بي أمي إلى الحسن ، فقالت: يا أبا سعيد ! ابني هذا قد أحببت أن يلزمك ، فلعل الله أن ينفعه بك ،
قال : فكنتُ أختلف إليه ، فقال لي يوماً : [ يا بني! أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه ، و ابكِ في ساعات الليل و النهار في الخلوة لعل مولاك أن يطَّلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين ] - هذه الوصية بالبكاء من خشية الله ، و دمع العين من هيبة الله تعالى و خوفه - و كنت أدخل على الحسن منزله و هو يبكي - لم يكن يأمر الناس بالشيء و هو لا يفعل ، بل كان يقول و يفعل ، و يفعل قبل أن يقول - و ربما جئت إليه و هو يصلي ، فأسمع بكاءه و نحيبه ، فقلت له يوماً : إنك كثير البكاء - دائماً تبكي - فقال : [ يا بني! ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبكِ ،
يا بني! إن البكاء داع إلى الرحمة ، فإن استطعت أن تكون عمرك باكياً فافعل ، لعله تعالى أن يرحمك ، فإذا أنت نجوت من النار ] إذا رحمك ستجد نفسك قد نجوت من النار .
قال إبراهيم اليشكري : "ما رأيت أحداً أطول حزناً من الحسن ، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة " . كأنه الآن قبل قليل جرت عليه مصيبة .
و قال أحد مَن رآه : " لو رأيتَ الحسن ، لقلتَ : قد بُث عليه حزن الخلائق " . أي : جُمِعَتْ عليه .
و قال يزيد بن حوشب : "ما رأيت أحزن من الحسن و عمر بن عبد العزيز ، كأن النار لم تخلق إلا لهما ، و كانا قليل الضحك و المزاح . لأنه إذا كان كثير البكاء من خشية الله فإن ذلك و لا شك سيؤثر في مزاحه و ضحكه ، فمن كان كثير البكاء كان قليل الضحك ، و من كان كثير الخشية و الهيبة كان قليل المزاح .


و من حسن خلقه :
أنه كان سمحاً في بيعه و شرائه ، فكان إذا اشترى شيئاً و كان في ثمنه كسر جبره لصاحبه ، مثل الآن لو واحد استرى بريال إلا ربع فيترك الربع للبائع، أو بريال و نصف فيترك النصف للبائع ، و ما ذاك إلا من طيب خلقه ، لا يدقق و يفتش و يأخذ الكسور ،
و إذا اشترى السلعة بدرهم ينقص دانقاً -لأن الدرهم يقسم إلى دوانق ، و الدانق بعض الدرهم - كمَّله درهماً ، يقول : خذ الدرهم كاملا ً، أو بتسعة و نصف كمله عشرةً مروءةً و كرماً .
والآن بعض الناس يقولون : هناك صناديق للهيئات الخيرية في البقالات ، الهيئة الخيرية أولى من صاحب البقالة ، و هذا جيد و طيب ، يأخذ هذه القروش و يضعها في هذا الصندوق من صناديق التبرعات ، و هذا جيد أنه يجود بهذه الكسور لله تعالى .
رأيت مرة منظراً غريباً في أحد البقالات الكبيرة : أجنبي كافر أعطى البائع الريالات و أخذ الفكة و وضعها في الصندوق الخيري ، مع أنه كافر ! لكن صحيحٌ هو لا ينتفع بها عند الله يوم القيامة ؛ لأن الله تعالى لا يجزي الكافر بحسناته يوم القيامة ( وَ قَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) [الفرقان:23] لكن يعطونها في الدنيا ، إنما يؤثر فيك أن ترى كافراً يتبرع لصندوق الإغاثة ، أو لصندوق الفقراء.. و هو كافر !!
و باع الحسن -رحمه الله- بغلة ، فقال المشتري : أما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد ؟ - اتفقوا على الثمن و رضوا ، فقال المشتري : أما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد ؟ - قال [ لك خمسون درهماً ، أزيدك؟ ] - أي: هل تحتاج إلى زيادة ؟ - قال : لا . رضيت ، قال [ بارك الله لك] .
و هذا عين ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في الحديث و دعا ( رحم الله عبداً سمحاً إذا باع ، سمحاً إذا اشترى ، سمحاً إذا قضى ، سمحاً إذا اقتضى ) .
و قد أثنى العلماء - رحمهم الله تعالى - على الحسن بالغ الثناء :-
و لما استهل أبو نعيم في الحلية ترجمة الحسن البصري رحمه الله ، قال: "و منهم حليف الخوف و الحزن ، أليف الهم و الشجن ، عديم النوم و الوسن ، أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن ، الفقيه الزاهد ، المشمر العابد ، كان لفضول الدنيا و زينتها نابذاًَ ، و لشهوة النفس و نخوتها واقذاً " .
و الوقيذ أو الوقذ : أن يُضرب الشيء حتى يسترخي و يموت ، أو يشرف على الموت ، فكان لشهوته كابتاً .
و عن مؤدبمة بن مرثد قال : " انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فمنهم : الحسن بن أبي الحسن ، فما رأينا أحداً من الناس كان أطول حزناً منه ، ما كنا نراه إلا أنه حديث عهد بمصيبة " .
قال الحسن : [ نضحك و لا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا ، فقال : لا أقبل منكم شيئاً ] .
كان مشهوراً جداً بالمواعظ ، و كانت مواعظه مؤثرة ، لأن العبارات رقيقة تخرج من القلب ، و على رسم الكتاب والسنة ،
[ ويحك يابن آدم ! هل لك بمحاربة الله طاقه ، إنه من عصى الله فقد حاربه ، و اللهِ لقد أدركت سبعين بدرياً ، أكثرُ لباسهم الصوف - أي : من زهدهم في الدنيا لا يجدون و لا يحرصون على التنعم - و لو رأيتموهم لقلتم : مجانين ، و لو رأوا خياركم لقالوا : ما لهؤلاء من خلاق ، و لو رأوا شراركم لقالوا : ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب ، و لقد رأيتُ أقواماً كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ، و لقد رأيت أقواماً يمسي أحدهم ما يجد عنده إلا قوته ، فيقول : لا أجعل هذا كله في بطني ، لأجعلن بعضه لله عز وجل ، فيتصدق ببعضٍ و إن كان هو أحوج ممن يتصدق به عليه ] . يعني: هذا المتصدِّق محتاج أكثر من المتصدَّق عليه ؛ لكن يجودون لله تعالى .


و عن خالد بن صفوان ، قال: لما لقيت مسلمة بن عبد الملك بـالحيرة ، قال : يا خالد ! أخبرني عن حسن أهل البصرة ، قلت : أصلح الله الأمير ، أخبرك عنه بعلم ، أنا جاره إلى جنبه ، و جليسه في مجلسه ، و أعلم مَن قِبَلي به : أشبه الناس سريرةً بعلانية - هذا أولاً ، السريرة تطابق العلانية ؛ لا رياء، و لا نفاق ، و لا كذب ، و لا تصنع ، و لا مجاملات - و أشبه قولاً بفعل - قوله يشبه فعله ، لا يأمر الناس بالبر و ينسى نفسه ، قوله و فعله مستويان متطابقان - إن قعد على أمر قام عليه ، و إن قام على أمر قعد عليه - و إن أمر بأمر كان أعْمَلَ الناس به ، و إن نهى عن شيء كان أَتْرَكَ الناس له - رأيته مستغنياً عن الناس ، و رأيت الناس محتاجين إليه .
قال : حسبك يا خالد ! كيف يضل قومٌ هذا فيهم ؟!
فإذاً : الصالحون و العلماء و العباد و الزهاد هم سراج وهاج يستضيء بهم الناس ، و الناس لا يهلكون و فيهم مثل هؤلاء ،
متى يهلك الناس؟
إذا انطفأت السرج ، و إذا لم يوجد أحد ينير كيف يبصر العميان ؟
و لذلك فإن وجود الدعاة في المجتمع رحمة لهذا المجتمع من عدة جهات: أولاً : أنهم من أسباب رفع العذاب عنهم : إذا وجد الصالحون و المصلحون في مجتمع فهم من أسباب رفع العذاب عن المجتمع .
ثانياً : بهم يرزقون ، و بهم يمطرون .
ثالثاً : هم مصدر العلم ، و منهم يتعلم الجهَّال .
رابعاً : هم مصدر الوعظ الذين يعظون الغافلين .
خامساً : هم مصدر القدوة .
سادساً : تنصلح أحوال الناس بمخالطتهم .
و لذلك كلما كثروا في المجتمع كان دليلاً على صلاح المجتمع و صحته ، و إذا قلوا أو انعدموا فهذا دليل على مرض هذا المجتمع أو موته .
و لذلك يجب أن نحرص على تكثير الدعاة في المجتمع ، و نفرح إذا رأينا عدد الصالحين في المجتمع يزيد ؛ لأن هذا من أسباب سعادة المجتمع ،
أما إذا رأيت الصالحين ينقرضون و يقلون و يذهبون ، و لا يأتي غيرهم ، فهذا نذير شؤم و بلاء خطير .
و بعض الناس لا يقدرون قيمة الصالحين في المجتمع ، و لذلك ينابذونهم العداء.. يجهلون قدرهم.. يذلونهم.. يسخرون منهم.. يستهزئون بهم ، لا يعطونهم ما يجب لهم من الحق ، و لا يقدمونهم في المجالس و يسمعون لكلامهم ، فلذلك ترى أمر هؤلاء الصالحين في ضعف ؛ لأن الناس لم يعرفوا قيمتهم ، و لم يعرفوا قدرهم .
و أما إذا عرف المجتمع قدر الصالحين رأيتهم يُقَدَّمون في المجالس.. يقدمون في الحديث.. يُسْمَع لكلامهم.. يُنْزَل عند رأيهم ، و يُبَتُّ حسب مشورتهم و أمرهم ،
و لذلك قال مسلمة لـخالد بن صفوان : كيف يضل قوم هذا فيهم ؟!


و في سير أعلام النبلاء يقول الذهبي : " كان الحسن سيد أهل زمانه علماً و عملاً " .
و قال ابن كثير في البداية والنهاية : " الإمام الفقيه المشهور ، أحد التابعين الكبار الأجلاء علماً و عملاً و إخلاصاً ".
و قال العوام بن حوشب : " ما أشبّه الحسن إلا بنبي " .
و عن أبي قتادة ، قال : " الزموا هذا الشيخ - أي: الحسن - فما رأيت أحداً أشبه رأياً بـعمر منه " . يعني: من رجاحة عقل الحسن شبه رأيه برأي عمر .
و يقال: إن أنس بن مالك ، قال: [سلوا الحسن فإنه حَفِظَ و نسينا ] . و هو الصحابي !
و قال مطر الوراق : " لما ظهر فينا الحسن جاء كأنما كان في الآخرة " . فهو يخبر عما عايَن . كأنه واحد كان في الآخرة ، كان في القبر و رأى البرزخ و رأى الموت و الجنة و النار ، و البعث و الميزان و الصراط ، فكأنه واحد جاء من الدار الآخرة ، فهو يخبر الناس عما رآه هناك .
فهذا يكون من شدة تمثله لما أخبر الله به عن الدار الآخرة ، كأنه جاء من الآخرة ، و هذا يدل على تأثره .
و قال قتادة : [ ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلاً عليه - يعني : علم الحسن زائد - غير أنه إذا أُشْكِل عليه شيء كَتَبَ فيه إلى سعيد بن المسيب - و سعيد بن المسيب سيد التابعين - و ما جالست فقيهاً قط إلا رأيت فضل الحسن ] .
و قال أبو هلال : [ كنت عند قتادة ، فجاء الخبر بموت الحسن ، فقلت : لقد كان غُمِسَ في العلم غَمْسا ً، قال قتادة : بل نَبَتَ فيه ، و تحقَّبه، و تشرَّبه ، و الله لا يبغضه إلا حروري ] . و الحروريون هم : الخوارج ، نسبة إلى بلدة حروراء ، التي كان أول أمرهم بها ، خرجوا منها و فيها ، و لذلك لا يبغض الحسن إلا رجل من الخوارج .
و قال : [ ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن ] . فالرجل كان بالإضافة إلى أدبه صاحب مروءة .
و عن حجاج بن أرطأة عن عطاء : قال: [ عليك بذاك - أي: الحسن - ذاك إمام ضخم يُقتدى به ] .
و قال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال و الحرام .
و قال بكر المُزَنِي : " مَن سره أن ينظر إلى أفقه ممن رأينا ، فلينظر إلى الحسن " .
كان في حلقة الحسن البصري التي في المسجد حديث ، و فقه ، و علم القرآن ، و اللغة ، و الوعظ ،
فبعض الناس صحبه للحديث ليسمع منه المرويات ،
و بعض الناس صحبه للقرآن ليسمع منه التفسير ،
و بعض الناس صحبه للبلاغة ليتعلم منه اللغة و الفصاحة و البيان،
و بعض الناس صحبوه للوعظ ليتعلم منه الإخلاص و العبادة .
و قال أيوب السختياني : " لو رأيت الحسن ، لقلت: إنك لم تجالس فقيهاً قط " . لنسيتَ كلام الفقهاء بجانب كلامه .
و قال الأعمش : " ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها " . لأن الكلام الذي فيه حكمة لا يخرج إلا من رجل ارتضعها و وعاها فنطق بها .
و قال رجل لـيونس بن عبيد : " أتعلم أحداً يعمل بعمل الحسن ؟ قال : و الله ما أعرف أحداً يقول بقوله ، فكيف يعمل بمثل عمله ؟! قال: صفه لنا ، أنت رأيته...
هذه فائدة تربوية : الأجيال كانت تسأل عمن فات ، فالذي لم ير الحسن يسأل من رأى الحسن ، يقول: صفه لنا ، كيف هو ؟ كيف شكله ؟ كيف سَمْته ؟ كيف عبادته ؟ كيف وعظه ؟ هات من كلامه شي ئاً، هات من علمه.. من فقهه.. ماذا سمعت منه ؟
الآن ربما يموت العالم و يخرج رجل من جيل جديد لم يرَ هذا العالم.. هل يسأل عنه ؟ هل تراه يهتم بالجيل الذي مضى ؟!
يقول لواحد من الذين عاصروا العالم أو عايشوه : صفه لنا ، كيف سَمْته؟ كيف كلامه ؟ هات لنا مسائل مما سمعته منه ؟؟!!
نادراً!
و هذه مشكلة ؛ أن الأجيال لا تحرص على الارتباط بمن سبق، و السؤال عمن سبق !
كان الواحد من السلف إذا ما رأى رجلاً فاضلاً صالحاً عالماً ، فاته ، مات قبل أن يولد هذا مثلاً ، يسأل عنه : صفه لنا.. مهتم .
قال : كان إذا أقبل - إذا رأيته آتٍ - فكأنه أقبل من دفن حميمه - كأنه الآن دفن أحب الناس إليه ، كيف يكون وجه المصاب بالمصيبة ؟ هكذا كان وجهه من الخشوع - و كان إذا جلس فكأنه أسير قد أمر بضرب عنقه - لو أتي بالأسير ليضرب عنقه ، كيف يكون جلوسه ؟ متخشعاً ، هكذا كان جلوسه ، لم يكن جلوسه جلوس أشر و لا بطر - و كان إذا ذُكِرَت النار عنده ، فكأنها لم تخلق إلا له .
بينما بعض الناس الآن لو تليت عليهم الآيات التي فيها ذكر جهنم ، يقول : هذه للكفار ، الحمد لله نحن مسلمون ، و لا نحتاج ، و لسنا معنيين بالأمر ، مع أن الإنسان ينبغي أن يخاف على نفسه لأنه لا يدري ماذا يختم له ، فقد يُختم له و العياذ بالله بخاتمة أهل النار ،
فإذاً: لا بد أن يخاف على نفسه .
و كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة :
[ أما بعد : فإنك لن تزال تعنِّي إليَّ رجلاًَ من المسلمين في الحر و البلاد ، تسألني عن السنة كأنك إنما تعظمني بذلك ، و أيْمُ الله لحسبك بـالحسن ، فإذا أتاكَ كتابي هذا فسل الحسنَ لي و لكَ و للمسلمين ، فرحمَ اللهُ الحسنَ فإنه مِنَ الإسلام بمنزلٍ و مكان ، و لا تقريّنه كتابي هذا ] .
فعظمت هيبته رحمه الله في القلوب ، و كان أيضاً ممن يدخل على الولاة ، يعظهم و ينهاهم - كما سيأتي - .
و بعضهم ذكر الأشخاص الذين تُحسَد عليهم الأمة ، قال :
أولهم عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه .
و الثاني الحسن بن أبي الحسن البصري ، فلقد كان مِنْ دراري النجوم ، علماً و تقوىً و زهداً ، و وَرَعاً و عِفّة و و رِقّة و تألّهاً ، و تنزّهاً و معرفة و فصاحة .
و كان سليم اللسان ، نقيّ الأديم ، محروس الحريم .
يجمَع مجلسُه ضروبَ الناس ، و أصناف اللباس لِما يوسعهم مِنْ بيانه ، و يُفيض عليهم بافتنانه :
هذا يأخذ منه الحديث و هذا يُلقّن التأويل و هذا يسمع الحلال و الحرام و هذا يسمع في كلامه العربية و هذا يحكي الفتيا و هذا يتعلّم الحُكْمَ و القضاء و هذا يسمع الموعظة .
كالبحر العُجاجِ تدفّقاً ، و كالسراج الوهّاج تألّقاً ، و هو صاحب الصدر الرحب ، و الوجه الصلب ، و اللسان العذب ، بهجة العلم و رحمة التقى ، لا تُدنيه لائمة في الله .
يجلسُ تحتَ كرسيّه قتادة صاحب التفسير ، و عمرو بن واصل ، و ابن إسحاق صاحب النحو ، و فرقد السبخي صاحب الرقائق ، و هؤلاء و أشباههم و نظرائهم .
أما ما كان عليه من الجرأة و الصدع بالحق ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :-

فقد جاء عن مؤدبمة بن مرثد أنه قال :
لما وَلِي عمر بن هبيرة العراق ، أرسل إلى الحسن و إلى الشعبي ، فأمر لهما ببيت ،
و كانا فيه شهراً ، ثم إن الخصيَّ - و كان عند الأمراء هذا النوع من الناس - غدا عليهما ذات يوم ، فقال لهما : إن الأمير داخل عليكما ،
فجاء عمر بن هبيرة - الأمير - يتوكأ على عصاً له ، فسلم ثم جلس معظماً لهما ،
فقال : إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يُنْفِذُ كُتُباً ، أعرف أن في إنفاذها الهلكة - يعني: يعطيني أوامر في الكتب لو أنفذتها ففي إنفاذها الهلكة - فإن أطعته عصيت الله ، و إن عصيته أطعت الله ، فهل تريان لي في متابعتي له فرجاً ؟ أي: هل أنا مكره ؟
فقال الحسن [ يا أبا عمرو ! - و هو الشعبي ، أجب الأمير ] .
فتكلم الشعبي ، فانحط في حِيَل ابن هبيرة ، - يعني: كأنه يلتمس له أعذاراً و أشياء -
فقال : ما تقول أنت يا أبا سعيد ؟!
قال [ أيها الأمير ! قد قال الشعبي ما قد سمعتَ ] .
قال: ما تقول أنت يا أبا سعيد ؟
فقال [ يا عمر بن هبيرة ! يوشك أن يتنزل بك ملك من ملائكة الله تعالى ، فظ غليظ ، لا يعصي الله ما أمره ، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك .
يا عمر بن هبيرة ! إن تتقِ الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك ، و لا يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله عز وجل .
يا عمر بن هبيرة ! لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك نظرة مقت ، فيغلق بها باب المغفرة دونك .
يا عمر بن هبيرة ! لقد أدركتُ أناساً من صدر هذه الأمة كانوا و الله على الدنيا و هي مقبلة أشد إدباراً من إقبالكم عليها و هي مدبرة .
يا عمر بن هبيرة ! إني أُخوِّفك مقاماً خوَّفَكَهُ الله تعالى ، فقال( ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) [ إبراهيم : 14 ] .
يا عمر بن هبيرة ! إن تكُ مع الله تعالى في طاعته كفاك بائقة يزيد بن عبد الملك ، و إن تكُ مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله وكََلَكَ الله إليه ] .
قال: فبكى عمر بن هبيرة ، و قام بعبرته . أي: أن البكاء متواصل - متأثر - و قام من المجلس و لا تزال عبرته فيه .
هذا ما كان من موعظة الحسن لهذا الأمير ،
و هذا كلام نادر حتى في لفظه ، و في طريقته و أسلوبه.
و لذلك من المهم أن نتعلم الأسلوب ،
و مثل هؤلاء العظماء ينبغي أن نتشبه بهم في أساليبهم .
و قد رُوِيَت هذه القصة بسياق آخر:
أن عمر بن هبيرة الفزاري والي العراق لما دخل في أيام يزيد بن عبد الملك ، استدعى الحسن البصري و محمد بن سيرين و الشعبي في سنة 103هـ
و قال: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده ، و أخذ عليه الميثاق بطاعته ، و أخذ عهدنا بالسمع و الطاعة ، و قد ولاني ما ترون ، فيكتب إليَّ بالأمر من أمره ، فأقلده ما تقلد من ذلك الأمر ، فما ترون؟! - إذا أمرني بشيء فيه معصية مثلاً ؟ -
فقال ابن سيرين و الشعبي قولاً فيه تَقِيَّة .
فقال ابن هبيرة : ما تقول يا حسن ؟
فقال [ يـابن هبيرة ! خَفِ الله في يزيد ، و لا تخَفْ يزيد في الله .
إن الله يمنعك من يزيد ، و إن يزيد لا يمنعك من الله .
و أُوْشِكَ أن يُبعث إليك ملَك فيزيلك عن سريرك ، و يخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ، ثم لا ينجيك إلا عملك .
يـابن هبيرة ! إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصراً لدين الله و عباده ، فلا تركبن دين الله و عباده بسلطان الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ] .
فأجازهم ابن هبيرة ، و أضعف جائزة الحسن .
فقال الشعبي لـابن سيرين : سَفْسَفْنا له ، فسَفْسَفَ لنا .
و الموقف من الحجاج لا شك أنه موقف صعب جداً ؛ لأن الحجاج كان يقتل على أتفه و أدنى سبب ، و اخترع أساليب في التعذيب ، و بدأ بأشياء من الظلم فتح بها أبواباً شنيعة ، و كانوا أحياناً يفعلون بالناس أفعالاً لا تخطر بالبال ، مثل: السلخ ، يأتون بإنسان يسلخونه ، يسلخون جلده عن سائر جسده سلخاً ، و ربما ولَّوا ذلك لبعض الكفرة، كما أن بعض أهل السنة أتى به أحد هؤلاء الظلمة ، فوَلَّى سلخه ليهودي ، قال لليهودي: اسلخه ، فبدأ بسلخه من الرأس ، حتى أن اليهودي رحمه ، فضربه بالسكين في قلبه فمات ، رحمه من إكمال السلخ . فكان يحصل ظلم عظيم ، و خصوصاً ممن يبطش من أمثال الحجاج !
بعث الحجاج بن يوسف الظالم إلى الحسن و قد هَمَّ به - نوى له نية سوء - فلما دخل عليه ، و قام بين يديه الحسن ،
قال [ يا حجاج ! كم بينك و بين آدم من أب ] ؟
قال: كثير .
قال [ فأين هم ] ؟
قال: ماتوا .
فنكس الحجاج رأسه وخرج الحسن .
موعظة بكلمات يسيرة جداً ، مثل هؤلاء ربما لا يمكن الكلام معهم ، فسؤالان لخص بهما المسألة كلها ، انتهت المهمة ، و هي بهذه البساطة ، و الرجل إذا كان صاحب عبادة و دين ؛ فإن الله سبحانه وتعالى يلقي في قلوب الأعداء رهبته فلا يجرءون عليه .
اضافة رد مع اقتباس
11-04-2011, 16:16 #5
مسلم نـاصح
اذكر الله











مقالات المدونة
1





و له رحمه الله تعالى مواعظ بالغة : منها ما وعظ بها عمر بن عبد العزيز ، من باب النصح لذلك الإمام الخليفة العظيم ، و وعظه بمواعظ ، فمنها - من الأشياء التي نُقِلَت - :
[ اعلم أن التفكير يدعو إلى الخير و العمل به ، و الندم على الشر يدعو إلى تركه ، و ليس ما يفنى و إن كان كثيراً يعدل ما يبقى و إن كان طلبه عزيزاً ، فاحذر هذه الدار الصارعة الخادعة الخاتلة ، التي قد تزينت بخدعها ، و غرت بغرورها ، و قتلت أهلها بأملها ، و تشوفت لخُطَّابها ، فأصبحت كالعروس المجلوة ، العيون إليها ناظرة ، و النفوس لها عاشقة ، و القلوب إليها والهة ، و هي لأزواجها كلهم قاتلة ، فلا الباقي بالماضي معتبر ، و لا الآخر بما رأى من الأول مزدجر ، و لا اللبيب بكثرة التجارب منتفع ، و لا العارف بالله و المصدق حين أخبر عنها مُدَّكر ، فأبت القلوب لها إلا حباً ، و أبت النفوس بها إلا ظناً ، و ما هذا منا لها إلا عشقاً ، و من عشق شيئاً لم يعقل غيره ، و مات في طلبه أو يظفر به... ] .
ثم قال له [ فاحذرها الحذر كله ، فإنها مثل الحية ؛ لين مسها ، و سمها يقتل ، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها..] .
و أتى له بكلام في ذم الدنيا و وجوب الحذر منها ، و عدم الانغماس في نعيمها ، و أنها قد عرضت على من هو خيرٌ منا النبي عليه الصلاة و السلام فرفضها ، و رفض أن يكون ملِكاً ، و اكتفى بأن يكون عبداً رسولاً .
و أمره أن يقتدي بالأنبياء و من مضى من الصالحين .
و كان تذكيره لـعمر بن عبد العزيز بالدنيا ؛ لأن عمر بن عبد العزيز تحته الخزائن و بيت المال ، و الأموال تجري بين يديه ، و لذلك ركز على قضية الدنيا ، و مكانتها، و حقيقتها ، لأنه يحتاج أشد ما يحتاج إلى مثل هذا الكلام .
و هكذا الإنسان الداعية الحكيم ينصح كل إنسان بحسب حاله .
فأنت إذا وعظت تاجراً يحتاج أن تكلمه في فتنة المال .
و إذا وعظت طالب علم يحتاج أن تكلمه - مثلاً - في مزالق طلب العلم ، و مسألة المراءاة و خطورتها ، و العمل بالعلم ، و الحذر من أن يعلِّم الناسَ شيئاًَ و لا يعمل به .
و إذا أردت أن تعظ بائعاً في السوق تحتاج أن تكلمه عن فتنة النساء .
و إذا وعظت شاباً يحتاج أن تكلمه عن الشهوات و اتقائها .
و إذا وعظت رجلاً كبيراً حذرتَه من طول الأمل ، و وجوب حسن العمل ، و أن الإنسان إذا بلغ الستين أعذر الله إليه ، و ينبغي أن يتفرغ للعبادة .
فيؤخذ من كلام الحسن رحمه الله : أن الإنسان يعظ الشخص بحسب حاله ؛ فإذا كان صاحب سلطان ذكره بقدرة الله و قوته ، و بطشه، و انتقامه.. و هكذا ، فتكون النصيحة بحسب المنصوح له وبحسب حاله.
اضافة رد مع اقتباس
11-04-2011, 16:17 #6
مسلم نـاصح
اذكر الله











مقالات المدونة
1





كان الإمام الحسن البصري - رحمه الله - إماماً في عددٍ من فنون العلم ، و كان إماماً في العلم حقاً .
و من الفنون التي برز فيها رحمه الله : فن التفسير ، و لذلك نقل عنه المفسرون في تفاسيرهم كثيراً من الأقوال في آيات عديدة من كتاب الله تعالى .
1/ فمما ذكره - رحمه الله - في قوله عز وجل ( وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ) [ البقرة : 124 ] ، كان الحسن يقول [ إي و الله !
ابتلاه بأمر فصبر عليه ؛
ابتلاه بالكوكب ، و الشمس ، و القمر ، فأحسن في ذلك ، و عرف أن ربه دائمٌ لا يزول ، فوجَّه وجهه للذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً و ما كان من المشركين ،
ثم ابتلاه بالهجرة فخرج من بلاده و قومه حتى لحق بـالشام مهاجراً إلى الله ،
ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة ، فصبر على ذلك ،
فابتلاه الله بذبح ابنه
و بالختان فصبر على ذلك ] .
و ذكر المفسرون - رحمهم الله - أيضاً : أن مما ابتلاه الله سبحانه و تعالى به : سنن الفطرة ؛ خمس في الرأس ، و خمس في الجسد ( فأتمهن ) .
2- و مما ذكره رحمه الله في قوله تعالى ( وَ لَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ) [ آل عمران : 152 ] في سورة آل عمران ، في قصة غزوة أحد ، قال و قد ضرب بيديه [ و كيف عفا عنهم و قد قُتِل منهم سبعون ، و قُتِل عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كُسِرت رباعيته ، و شُجَّ وجهه ؟ ] .
ثم يقول [ قال الله عز وجل : قد عفوتُ عنكم إذ عصيتموني ، ألا أكون استأصلتكم ] - فبيَّن أن عفو الله تعالى عنهم ، أنه لم يستأصلهم ، مع عظم المصائب التي نزلت بهم -
ثم يقول [ هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في سبيل الله ، غضابٌ لله ، يقاتلون أعداء الله ، نُهُوا عن شيء فصنعوه ، فو الله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم ] - و هو قتل سبعين منهم ، و ما حصل للنبي عليه الصلاة و السلام من الجراحات و ما أشيع من قتله - .
قال الحسن رحمه الله [ فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة ، و يركب كل داهية ، و يسحب عليها ثيابه ، و يزعم ألا بأس عليه ، فسوف يعلم !! ]
و معنى قوله : إن هؤلاء الصحابة أكرم خلق الله، و صحبوا نبي الل ه، خرجوا للجهاد في سبيل الله ، قاتلوا أعداء الله ؛ لأن بعضهم ارتكب عصياناً ، لما ترك الرماة الجبل و نزلوا ؛ ابتلاهم الله بهذا الشيء ، و هذا الغم العظيم في قتل سبعين منهم ، و اليوم أفسق الفاسقين يتجرأ على كل كبيرة ، و يظن أنه لا بأس عليه ، فكأنه يقول : خافوا الله ! هؤلاء الصحابة على عِظَمِهِم هكذا ابتلاهم الله أو غمهم بهذا الغم ، فكيف بالفسقة !
و كذلك مما نُقِل عنه - رحمه الله تعالى - في التفسير ، في ذكر آيات من كتاب الله عز وجل أشياء كثيرة جداً أوردها المفسرون ، حتى أنه لا تخلو سورة من سور القرآن في التفسير إلا و تجد للحسن رحمه الله تعالى فيها قولاً أو أقوالاً ، و هذا يدل على ضلوعه رحمه الله في التفسير ، و كان ينتهز الفرصة ليذكر من خلال تفسيره بعض الآيات بعض العظات التي يرسلها .
.:. الحسن البصري في الحديث .:.

أما بالنسبة للحديث ، فإن الحسن البصري رحمه الله و لاشك كان قد نشأ في الفترة التي كان النقل فيها من غير كتابة و تدوين ، و هي مرحلة الحفظ في الصدور ، لأنه توفي في سنة 110هـ ، و هذا الوقت الذي بدأ فيه التدوين ، و لذلك ليس للحسن كتاب صنفه في الحديث ، لأن عصر التدوين لم يكن قد بدأ بعد .
و لكن الحسن رحمه الله تعالى له مرويات كثيرة جداً ، و بعضُ الأسانيدِ التي فيها ذِكْرُ الحسنِ متصلٌ ، و بعضُها مرسلٌ ،
و الحديث المرسل كما نعلم: ما أضافه التابعي إلى النبي عليه الصلاة و السلام دون ذكر الصحابي ،
و لاشك أن المرسل عند العلماء من أقسام الحديث الضعيف ، ما عدا استثناءات يسيرة ذُكِرت في كتبهم .
فلو قال الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإننا نعلم أن هذا حديث مرسل ، و أنه حديث ضعيف ،
لكنه لو ذكره بالإسناد المتصل بذكر الصحابي الذي حدثه ، أو التابعي عن الصحابي الذي حدثه فيكون الحديث عندئذٍ متصلاً صحيحاً ، ما دام أن الحسن رحمه الله قد صرح بالتحديث .
و قد سمع الحسن رحمه الله من بعض الصحابة ، مثل: أنس و سمرة رضي الله عنهما ،
و هناك قاعدة في المراسيل ، يقول الإمام أحمد رحمه الله : "مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها ، و ليس في المرسلات شيء أَضعف من مرسلات الحسن و عطاء بن أبي رباح ، فإنهما يأخذان عن كل أحد " .
و المقصود أنه إذا قال : قال رسول الله ، فلا نستطيع بطبيعة الحال أن نحكم بصحته ، بل إنه نوع من الحديث الضعيف ، حيث أنه منقطع فيما بينه و بين النبي صلى الله عليه و سلم .
و كذلك الحسن روى عن أبي هريرة و لم يسمع منه ، و كان قد جاء هذا إلى الحجاز و هذا خرج إلى العراق فلم يتقابلا ، و التمس العلماء للحسن في قوله : أخبرنا أبو هريرة ، التمسوا له أنه يقصد أن أبا هريرة حدث أهلَ البصرة و هو منهم ، و لكن لم يكن معهم عندما حدثهم أبو هريرة .
و بعض المصطلحات : ( حدَّثنا ) و ( أخبرنا ) و ( عن ) و نحو ذلك لم تستقر من جهة معنىً مخصوص أو استعمال مخصوص إلا بعد الحسن رحمه الله تعالى .
اضافة رد مع اقتباس
11-04-2011, 16:18 #7
مسلم نـاصح
اذكر الله











مقالات المدونة
1


.:. الحسن البصري فقيهاً .:.

كان الحسن البصري فقيهٌ ، - و لا شك - له باع عظيم في الفقه ، و نُقِلَت عنه آراؤه ، فكلُّ مَن صنف في الفقه لا بد أن يذكر من أقوال الحسن شيئاً ،
و لم يصل إلينا فقهه مجموعاً كما نقل مذهب أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ، و لكنه نُقِل منثوراً في بطون كتب الحديث و الفقه ،
لكن الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ذكر عن الحميدي أن القاضي محمد بن مفرج ألف كتاب فقه الحسن البصري في سبعة مجلدات ، جمع فقهه فيها رحمه الله تعالى .
و لا بأس من ذكر بعض المسائل التي تعرِّف ببعض آراء الحسن رحمه الله : فمثلاً :
1/ ذهب رحمه الله إلى أنه لا يجب الترتيب في أعضاء الوضوء ، مع أن المذهب الراجح في هذا وجوب الترتيب .
2/ يرى رحمه الله أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء بحال ، و هذا هو الراجح إن شاء الله ، ما لم يخرج منه شيء ، فمجرد لمس المرأة لا ينقض الوضوء .
3/ كان يرى وجوب نقض المرأة شعرها عند الغسل من الحيض ، و هو قول الحنابلة .
4/ كان - رحمه الله - يرى أن المتيمم يصلي ما شاء من الفرائض و النوافل ، و يمس المصحف ، و يقرأ القرآن ، ما دام أنه لم ينقض هذه الطهارة التي عملها بالتيمم ، فما دام أنه لم يحدث فإن تيممه باقٍ صحيح يصلي فيه ما شاء من الفرائض و النوافل ، و يمس المصحف ، و يطوف بالبيت حتى يُحْدِث ، و لا يلزمه التيمم لكل صلاة كما قال به بعض أهل العلم .
5/ ذهب إلى أنه يجوز التيمم للصلاة على الجنازة لمن خاف فواتها ، فإذا خاف فوات الجنازة و رفعها و ذهابها و هو على غير طهارة بالماء جاز له أن يتيمم حتى مع وجود الماء .
6/ ذهب إلى أنه يُرَش من بول الغلام و يُغْسل من بول الجارية ، و هذا مقتضى الحديث الذي صح عن النبي صلى الله عليه و سلم .
7/ كان يرى أن للرجل السفر قبل دمحترم وقت الجمعة ، فما دام وقت الجمعة لم يدخل بعد فيجوز لك أن تسافر من البلد حتى لو كان اليوم يوم جمعة ،
و أن الجمعة لا تمنع من السفر كما قال عمر رضي الله عنه .
و ذهب إلى كراهة دفن الميت ليلاً ، و احتج بالحديث الصحيح الوارد في هذا ، و هذا الحديث قد ذكره الإمام مسلم رحمه الله : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه ، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك ] -- برقم 943 -- .
9/ جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر ، و الراجح في هذه المسألة : وجوب إخراج زكاة الفطر من الطعام ، و عدم جواز إخراجها بالقيمة .
10/ ذهب إلى أن المرضع إذا أفطرت في رمضان خوفاً على ولدها ، و الحامل إذا أفطرت خوفاً على جنينها فليس عليهما كفارة بل عليهما القضاء فقط ، و هذا مذهب جماعة من أهل العلم ؛ من أن المرضع و الحامل ليس عليهما إلا القضاء ، أما الكفارة فليس عليهما كفارة ما دامتا قد أفطرتا لهذا العذر فهما أشبه بالمريض .
11) عدم جواز بيع العُربون ، و الراجح : جواز بيع العُربون ، و هو : أن يدفع إلى البائع جزءاً من الثمن إذا اشترى ، و يُحْتَسَب من الثمن ، و إذا ألغى البيع و غيَّر ما عَقَدَه فإن العربون يذهب عليه ، و الحديث الوارد في النهي عن بيع العُربون حديث ضعيف ، فلذلك المسألة باقية على الأصل في جواز هذا البيع .
12/ و ذهب الحسن رحمه الله إلى جواز مشاركة المسلم لليهودي و النصراني، و المعنى جواز أن يدخل معهم في شركة أو في تجارة بشرط : ألا يخلو اليهودي أو النصراني بالمال دونه - أي: دون المسلم - و يكون المسلم هو الذي يلي المال ؛ خشية العمل بالربا ، لأنه لو تركت إدارة الشركة أو التجارة لليهودي أو النصراني يمكن أن يعمل بالحرام و أن يأخذ الربا ، أما إذا كانت الإدارة للمسلم أو له الإشراف عليها فإنه لا بأس أن يشارك الكافر في التجارة .
و هناك مسألة : إذا قال خذ المال مضاربةً و لم يسمِّ للعامل شيئاً من الربح فما نصيب العامل ؟
واحد أعطى شخصاً مالاً ، قال : اتَّجِر به ، هذه شركة مضاربة : المال من شخص و الجهد و العمل من شخص آخر ، و لم يحدد له نسبة ،
فذهب رحمه الله إلى أن الربح بينهما مناصفة إذا لم يحدد نسبة و حصلت التجارة و حصلت أرباح فالربح بينهما مناصفة .
13/ ذهب رحمه الله إلى جواز تأجير المستأجر للعين بأكثر مما استأجر به ، فإذا استأجر شيئاً جاز أن يؤجره ، و ذكر أهل العلم أنه يجوز أن يؤجره ما دامت مدة الإجارة سارية المفعول ، و ما دام أنه قد ملك المنفعة فيجوز أن يعطيها لغيره و يؤجرها أيضاً ، لكن بشرط ألا يكون استعمال الثاني أكثر من الأول ، فلو كان - مثلاً - عنده خمسة أولاد ، فلا يجوز أن يؤجر البيت الذي استأجره على إنسان له عشرة ، أو استأجره سكنى فلا يجوز له أن يؤجره على عمال أو على ورشة بحيث يستعملون الشيء المستأجَر أكثر مما كان سيستعمله لو كان سكن فيه .
هذا الشرط عند بعض أهل العلم في جواز تأجير الشيء المستأجر .
14/ كان يرى بأن الخُلْع يُعَدُّ طلقة ، و ذهب عدد من أهل العلم إلى أنه يعتبر فسخاً و لا يعتبر طلاقاً .
15/ ذهب رحمه الله إلى وقوع طلاق السكران ، و أن السكران يتحمل الطلاق ، و هذا رأي جمهور أهل العلم ، و ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية و كذا ابن القيم و غيرهما إلى أن طلاق السكران لا يقع ، و يوجد طرف بريء في الموضوع ألا وهي الزوجة ، و هو لا يدري عن تصرفاته ،
و المسألة فيها كلام طويل ، و هذا رأيه رحمه الله .
16/ ثم رأى أيضاً في مسألة صيام شهرين متتابعين أنه إذا كان على الإنسان كفارة الظهار - مثلاًَ - فإن السفر المبيح للفطر لا يقطع التتابع ، فلو شرع في صيام شهرين ثم سافر سفراً طبيعياً لم يقصد منه تحايلاً - سافر سفراً مشروعاً - فإنه يفطر في هذا السفر ، و إفطاره لا يقطع التتابع .
17/ أفتى رحمه الله بأن الزوج إذا أعسر بالنفقة كان للزوجة الخيار في أن تصبر عليه أو تطلب من الحاكم التفريق بينها و بين زوجها .
18/ ذهب إلى أنه لا فرق بين الرجال و النساء في وجوب القتل بالردة ، فإذا ارتدت المرأة تقتل مثلما يقتل الرجل .
و أن الاستتابة مستحبة و ليست بواجبة .
19/ و في باب الأطعمة : ذهب رحمه الله إلى تحريم أكل لحم القرد و تحريم بيعه ،
قال ابن عبد البر : لا أعلم بين علماء المسلمين خلافاً أن القرد لا يؤكل و لا يجوز بيعه .
و هو مسخ ، فيكون من الخبائث المحرمة ،
و بعض العلماء ذهبوا إلى جواز بيع القرد ، قالوا : لأنه يُنْتَفَع منه فيُمْسِك الشمعة و يحفظ الأمتعة ، و لأنه يقبل التعليم ، أي أنه يمكن تدريبه على حراسة و حفظ الأمتعة .
20/ و في العقيقة : ذهب الحسن رحمه الله إلى وجوبها ، و هو الذي روى حديث العقيقة عن سمرة رضي الله عنه ، و ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب العقيقة و عدم وجوبها .
21/ ذهب الحسن رحمه الله إلى عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس إذا حلف يميناً كاذبةً غموساً ، و سميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار ، فإنه ليس عليه كفارة لأنها أعظم من أن تكفر ، و ليس لها إلا التوبة ،
و ذهب بعض أهل العلم كـال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحسن البصرى رضى الله عنه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ابو جابر عبد الله بن عمرو بن حرام رضى الله عنه
» الحسن البصرى شيخ الزاهدين
» عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما
» طلحة بن عبي الله رضى الله عنه
» عبد الله بن مسعود رضى الله عنه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الحسانى :: اهلا وسهلا بكم فى منتداكم :: المنتدى الاسلامى :: المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: